أصدرت محكمة الاستئناف الإداري، أحكاما نهائية، في قضية سيول جدة، والتى ضمت 16 متهما، بإدانة بإدانة مسؤول بارز في وزارة المياه، وآخر في شركة خاصة، فيما برأت 12 متهما بينهم مسؤولون ورؤساء تنفيذيون في شركات كبرى ومكاتب استشارية.
كما صرفت المحكمة النظر في دعوى مقامة ضد متهمين “مصري وتركي” لعدم وجودهما خلال المحاكمة، إذ تم إطلاق سراحهما بدون كفالة وغادرا المملكة، إذ اعتبرت المحكمة إطلاقهما دون الكفالة المشددة مخالف للنظام.
وقضت المحكمة بسجن مسؤول في المياه أربعة أعوام وتغريمه 300 ألف، لإدانته بأربع جرائم رشوة بسبب تسلمه سيارات وهدايا منوعة ومبالغ نقدية اشترى بجزء منها شقة في الإسكندرية، إلا أنه تم تبرئته من أربع جرائم رشوة أخرى بالإضافة إلى جريمة التزوير، كما قضت بسجن المسؤول في الشركة الخاصة، عاما وتغريمه 100 ألف ريال، لإدانته بجريمة الرشوة.
وبرأت المحكمة ثلاثة متهمين “أردني ومصري ولبناني” من جريمة التزوير، كما أيدت أحكاما ابتدائية صدرت سابقا “اعترض عليها المدعي العام في هيئة الرقابة والتحقيق”، وقضت في حكمها النهائي بعدم إدانة متهمان “نيوزلندي وكندي” يعملان في منصبين عاليين في شركة كبرى بالإضافة إلى تبرئة “أردنيين وسعوديين ولبنانيين وثلاثة مصريين وإريتري” من جرائم الرشوة المنسوبة إليهم في الدعوى، وعدم مصادرة أموال الرشوة كونها لم تضبط وقت وقوع الجريمة وذلك خلافا لما طالب به المدعي العام.
ووفق مسوغات الإدانة، فإن المدعي العام اتهم مسؤول المياه بالحصول على مبالغ نقدية وشيكات وإيداعات في حسابه الشخصي وفي محافظ استثمارية، وحصوله على رواتب شهرية منتظمة من موظفين يتبعون لشركات كبرى وحصوله كذلك على عدة سيارات فارهة وهدايا منوعة بينها أجهزة لاب توب وجوالات وساعات وعطور، فضلا عن شرائه شقة في الإسكندرية بـ”مصر” من المبالغ التي حصل عليها، كل ذلك مقابل الإخلال بواجباته الوظيفية في عقود تشغيل لشبكات مياه فرعية في الأحياء الشمالية الوسطى في محافظة جدة.
كما اتهم مسؤول المياه بمنح شركات خطابات تأييد للحصول على ثلاثة آلاف تأشيرة عمل لعمالة وحصوله على مبالغ نظير ذلك. وضمت أدلة المدعي العام ضد مسؤول الوزارة 32 تهمة ومخالفة مرتكبة باستلامه رشاوى من عدة شركات متعاقدة مع وزارة المياه في مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي وتمديد طلبات عقود تنفيذ مشاريع محطات معالجة وإيقاف كسارات لإنتاج الحصى ومشروع الخمرة لتمديد أنابيب تصريف مياه الصرف من محطة الخمرة إلى البحر مقابل ما قام به من أعمال وإجراءات لصالح الشركات المتعاقدة، حسب عكاظ.
ووفقا للحكم الصادر عن المحكمة الإدارية في الدعوى، فقد استغرقت المحاكمة نحو أربع سنوات أعيدت في بدايتها القضية إلى مرجعها هيئة الرقابة والتحقيق، ثم أحيلت مرة أخرى للمحكمة، وعقدت خلالها 35 جلسة قضائية بحضور المتهمين عدا اثنين من المتهمين “مصري وتركي”.
وشددت المحكمة على أن جرائم الرشوة الموجهة للمتهمين تعد من الجرائم الكبيرة الموجية للتوقيف، إلا أن هيئة الرقابة والتحقيق أطلقت المتهمين دون اتخاذ ما يلزم حيال عدم هروبهم أو اختفائهم أو سفرهم، وفق المادة 120 من نظام الإجراءات الجزائية التي تجيز للمحقق إطلاق سراح المتهم بشرط اتخاذ ما يلزم نحو عدم هروبه، وهو الذي دفع باثنين من المتهمين في هذه القضية “مصري وتركي” من مغادرة المملكة خلال جلسات المحاكمة مما دعا المحكمة للامتناع عن سماع الدعوى ضدهما كون النظام يشترط في الجرائم الكبيرة مثول المتهم أمام المحكمة خلال محاكمته وعدم جواز محاكمته غيابيا، طبقا للمادة 119 من نظام الإجراءات الجزائية.
وجاءت تهمة الرشوة قاسما مشتركا في التهم الموجهة لـ15 متهما في ملف القضية، إذ اتهموا بدفع رشاوى لمسؤول المياه بالنيابة عن شركاتهم ومؤسساتهم التي لها علاقة مباشرة بمشاريع وزارة المياه، وبناء على عملهم في مناصب مختلفة.
ووفق مجريات المحاكمة، فإن المتهم الأساسي قدم ردا أنكر فيه التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلا، دافعا ببطلان إجراءات التحقيق في مواجهته لوجود تباين واختلاف في إجراءات التحقيق، إضافة إلى عدم تطبيق نظام الإجراءات الجزائية بحق المتهم بوصفه النظام المحقق للضمانة الحقيقة للوصول إلى الحقيقة وترسيخ العدالة وهو نظام واجب التطبيق، فضلا عن بطلان عدد من الإجراءات المتخذة في ما يتعلق بوجود عضو في لجنة الضبط كان هو نفس العضو في جهة التحقيق، ما يفقد الإجراءات الضمانات الكافية للمتهمين.
وتمسك المتهم الرئيسي في القضية بضعف الاستدلال وعدم وضوح الدليل الذي قدمته هيئة الرقابة والتحقيق فضلا عن الضغوظ النفسية التي تعرض لها مع بعض المتهمين سواء بسبب حجزه في حبس انفرادي لمدة 60 يوما أو تعاقب المحققين عليه في أوقات الليل والنهار للإدلاء باعترافاته – طبقا لما ورد في صك الحكم.
وطالب المتهم بالتوسع في التحقيقات ومكاتبة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والبنوك لإيضاح سلامة موقفه، مشددا على أن الأموال المودعة في حسابه كانت لصالح حملات دعائية من تبرعات من شركات لترشيد المياه وهي حملات حظيت بموافقة مسبقة من وزير المياه آنذاك. وبعد عدة جلسات للمتهمين وتبادل المذكرات، توصلت المحكمة إلى وقوع جريمة الرشوة ووصفت الجريمة بأنها إهدار لنزاهة الوظيفة -وفق تعبير المحكمة.
من جانبه أكد “سعد الباحوث” المحامي، ووكيل ثلاثة من المتهمين “يشغلون مناصب عليا في شركة كبرى”، أن موكليه الذين نالوا أحكاما نهائية بالبراءة ظلوا واثقين في القضاء العادل لتبرئتهم مما نسب إليهم، مبينا أن الدائرة القضائية قدمت تسبيبا قضائيا مميزا في ما يتعلق بالأحكام الابتدائية التي قضت بتبرئتهم في وقت سابق. وشدد الباحوث على أن التهم الجنائية يجب أن ترتكز على أدلة واضحة تنبني على اليقين الكامل لا على مجرد الاستنتاج والظن، وهو الأمر المستقر عليه نظاما. وبنى أن الأحكام النهائية بحق موكليه جاءت بعد ٣٥ جلسة قضائية قدم خلالها أكثر من ٣٠٠ صفحة من الدفوع تتضمن الأدلة والقرائن التي تنفي تهمة الرشوة والتزوير عن موكليه، وصدر الحكم في 93 صفحة، ولفت إلى أن الحكم اكتسب القطعية من محكمة الاستئناف وسيتم إشعار الجهات المختصة لتنفيذ جميع الأحكام بحق جميع المتهمين سواء أحكام البراءة أو الإدانة.
التعليقات
حرر الرد
قرقر كاتير مافي مالوم فين هدا مجرم كلو سسفر برا .. المهم الله لايعودها من ايام يارب
اللهم صلّ على نبينا محمد ﷺعدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عنه الغافلون
الله المستعان
اترك تعليقاً