قال وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ لمجلس الجامعة العربية بشأن سوريا أن استمرار الوضع المأساوي في سوريا يشكّل خطرًا على الأمن القومي العربي وعلى الاستقرار العالمي، مشددين على ضرورة فرض الضغوط اللازمة على النظام السوري للاستجابة لإرادة المجتمع الدولي الممثلة في القرارات الدولية.
وأعرب وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير في كلمته أمام الاجتماع مساء أمس بمقر جامعة الدول العربية، عن شكره وتقديره لحكومة دولة الكويت الشقيقة على المبادرة لطلب هذا الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، لبحث تطورات الأوضاع في سوريا وخصوصًا تلك المأساوية في مدينة حلب.
كما عبر”الجبير”، عن إدانة المملكة العربية السعودية لكل الأعمال الإرهابية التي حدثت في الدول العربية الشقيقة، مشيرًا إلى أن النظام السوري يتحمل مسؤولية المأساة في سوريا، حيث إنه وجّه جيشه الذي كنا كعرب نفتخر به في الدفاع عن العروبة، لقتل الشعب السوري الشقيق.
وقال “أن النظام السوري هو الذي رفض الدخول في أي مفاوضات جادة واستمر في قتل شعبه، وهو الذي أدخل المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية إلى سوريا بما فيها الحرس الثوري الإيراني”.
وأوضح: “كيف نصل إلى حل سياسي؟، وكيف نفرض الضغوط اللازمة على النظام السوري للاستجابة لإرادة المجتمع الدولي الممثلة في القرارات الدولية؟”،
وقال وزير الخارجية “إن الحديث كثير والعمل قليل، فإذا لم نستطع إيجاد وسيلة ضغط فعالة على النظام السوري، فلن نستطيع الوصول إلى حل سياسي، وسيستمر التشرد والقتل والظلم في سوريا الشقيقة، وسنتحمل مسؤولية ذلك أمام الله وأمام الشعب السوري”.
من جهته، حمّل الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته، النظام السوري وحلفاءه، المسؤولية الكاملة عن العمليات العسكرية الوحشية والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ارتُكبت في حلب وفي حق سُكانها من المدنيين، على مرأى ومسمع من العالم كله.
وقال أبو الغيط “إن إدانتنا الكاملة لهذه الجرائم ليست من قبيل إبراء الذمة، بل هي تعبر عن موقف حقيقي يرفض ما جرى ويجري في هذه الحاضرة العربية العريقة، كما يرفض الصمت والعجز الدوليين إزاء هذا التخريب والدمار غير المسبوق”.
وأكد أن الساحة السورية أصبحت مسرحًا لتجاذبات دولية، ومحلًا لطموحات وأطماع إقليمية جاءت جميعها على حساب الشعب السوري الذي دفع فاتورة هذه الصراعات والمنافسات والأطماع دمًا وتشريدًا وتدميرًا لمُقدراته، وتخريبًا لعُمرانه، مبينًا أن الحربُ السورية أصبحت نزاعًا دوليًا بامتياز.
وأشار إلى “أن هناك اجماعًا عربيًا على جُملة من الأمور فيما يخص الأزمة السورية تنطلق من أننا “جميعنا نُقر أولاً بأنه لا حل للأزمة سوى الحل السياسي”، لافتًا الانتباه إلى أن الكل يعرف أن الحلول العسكرية لن تُفضي سوى إلى مزيد من الدماء، وأن الانتصارات التي تُحيل الأوطان إلى أشلاء ودماء هي في حقيقة الأمر هزائم ترتدي ثوب النصر”.
ونوّه أبو الغيط إلى “أن هناك إجماعًا على أن وقف إطلاق النار وتوفير الحماية للمدنيين يُمثلان الأولوية المُطلقة في الوقت الراهن، وأن عمليات خروج المدنيين من المُدن التي تجري فيها مُباشرة العمليات العسكرية لا ينبغي أن تُفضي إلى تغيير ديموغرافي أو فرض واقع سُكاني جديد في البلدات والمُدن السورية، بل يتعين أن تجري عمليات الخروج بصورة كريمة وإنسانية، مع توفير الضمانات الكاملة لإعادة السُكان إلى بلداتهم ومنازلهم فور انتهاء النزاع”.
ونبه إلى “أن الاتفاقيات التي جرت خلال الأيام الأخيرة بين بعض الأطراف، وسهلت خروج وإفراغ الجزء الشرقي من المدينة من سكانها من السكان المدنيين، وعدم وجود قوائم واضحة بأسماء الذين خرجوا، هي أمر يدفع إلى القلق خاصة فيما يتعلق بنتائج هذه العملية على المدى الطويل، سواء فيما يتعلق بحق هؤلاء المدنيين في العودة إلى حلب عقب انتهاء الحرب أو خلال عمليات إعادة الإعمار أو فيما يتعلق بإثبات ملكية الأراضي والعقارات في منطقة حلب الشرقية، خاصة في ضوء ما يتردد عن النية لتوطين سكان آخرين من خارج المدينة في هذه المناطق”.
وأوضح أن هذا النموذج المقلق لعمليات التهجير الطائفي لم يحدث فقط في حلب بل حدث أيضاً في حمص عام 2014م، وفي داريا هذا العام، وفي كثير من المناطق المحيطة بدمشق، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك آلية مؤسسية سواء من خلال الجامعة العربية أو الأمم المتحدة للنظر في كيفية تثبيت حقوق هؤلاء النازحين وحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم في المستقبل.
وبيّن أبو الغيط أن هناك إجماعًا عربيًا ثالثًا على أن الحل السياسي يتعين أن يقوم على مُشاركة جميع الأطراف السورية، وأن يُلبي تطلعات الشعب السوري، كما أن هناك إجماعًا عربيًا رابعًا يقوم على رفض الإرهاب والاحتشاد لمُحاربته بكافة أشكاله وصوره، وإدانة الجرائم التي تُمارسها التنظيمات والجماعات الإرهابية كداعش والنصرة وغيرها في حق المدنيين السوريين في جميع أنحاء سوريا.
وطالب الأمين العام للجامعة العربية، المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن، بالاضطلاع بمسؤولياته نحو إقرار وقف لإطلاق النار في أقرب وقت في جميع أنحاء سوريا، عملاً بقراري مجلس الأمن 2254 لعام 2015، و2268 لعام 2016، وبما يسمح باستئناف المساعي إلى حل شامل ودائم للأزمة السورية.
من جهته، دعا وزير خارجية تونس خميس الجهيناوي في كلمته أمام الاجتماع، إلى وقفة عربية موحدة للمساهمة مع بقية الأطراف الدولية لوقف إطلاق النار، محذرًا من استمرار الحل العسكري الذي من شأنه أن يتيح المجال للمزيد من تمدد التنظيمات الإرهابية في سوريا.
وانتقد الجهيناوي الذي تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية ضعف الدور العربي، وقال: “حان الوقت لأن تنّكب المجموعة العربية لوضع حد للمأساة السورية”.
وعدّ الجهيناوي استمرار الوضع المأساوي في سوريا بأنه يشكل خطرًا على الأمن القومي العربي وعلى الاستقرار العالمي، مطالبًا بضرورة قيام مجلس الأمن الدولي بحماية المدنيين السوريين ووضع حد للمأساة في سوريا من خلال تثبيت وقف إطلاق النار بما يمهد لدخول أطراف الأزمة في عملية سياسية باعتبار أن الحل السياسي والحوار هو الكفيل وحده لإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا والمحافظة على مؤسسات دولها واستقلالها وحماية مكونات شعبها.
ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولية فرض وقف شامل لإطلاق النار وإتاحة ممرات آمنة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة دون شروط مسبقة، والحفاظ على سوريا موحدة، معربًا عن أمله في أن يخرج المجلس بقرارات تسهم في انقاذ سوريا من وضعها الراهن، مرحباً في هذا السياق بقرار مجلس الأمن الذي صدر بالإجماع اليوم من أجل نشر مراقبين في سوريا.
من جانبه، حذّر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في كلمته أمام الاجتماع، من أن تداعيات الوضع في سوريا الراهنة والانعكاسات السلبية للوضع الإنساني في حلب سيستمر في افرازاته السلبية على المنطقة وسيؤثر على السلم والأمن الدوليين.
ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك فورًا ممثلًا في مجلس الأمن لوضع حل دائم للنزاع المدمر في سوريا، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أهمية تنفيذ مجلس الأمن كامل التزاماته والواجبات المناطة به لوضع حل دائم لهذا النزاع المدمر وإنهاء مظاهر القتل والدمار في المدن السورية.
وقال ” إن من يعتقد بأن حلب تمثل نهاية السعي لتحقيق النصر العسكري فليراجع ما يظن، ولن يكون هناك حل في سوريا غير الحل السلمي وذلك عبر المفاوضات القائمة على المرجعيات الدولية”.
وأكد موقف دولة الكويت الداعم لكافة المساعي الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار وضمان الدخول الآمن للمساعدات الإنسانية وتأمين إجلاء المدنيين بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني”.
واستعرض وزير خارجية الكويت تطورات الأزمة السورية منذ مارس عام 2011م وحتى اليوم، وعدد القتلى واللاجئين والنازحين، والاجتماعات والمؤتمرات العربية والدولية التي تناولت الأزمة السورية، مشيرًا إلى أنه رغم كل ذلك ما زالت دماء الشعب السوري تنزف وأرواحه تحصد فيما تكشفه الأرقام المفزعة والحقائق الموثقة حجم المأساة التي يعاني منها الأشقاء في سوريا.
وأعرب عن خالص التعازي والمواساة الى الأشقاء في كل من الأردن والعراق واليمن والصومال ومصر على ضحايا الهجمات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت الأبرياء والآمنين فيها.
وجدد التأكيد على إدانة بلاده واستنكارها الشديدين لهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة، وموقفها المبدئي والثابت في مساندة ودعم جهود ومساعي المجتمع الدولي لمكافحة ودحض الإرهاب بكافة أشكاله وصوره والقضاء عليه.
من ناحيته، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته أمام الاجتماع، إلى التحرك الفوري لوقف إطلاق النار في سوريا والشروع في محادثات سياسية تغلق الباب أمام التدخلات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية التي تستهدف القضاء على مقدرات الشعب السوري وتقديم الإغاثة للشعب السوري والعمل على إعادة سوريا التي كانت ركنًا أساسيًا في العمل العربي المشترك.
واعتبر “شكري” أن السبب الرئيس للوضع المأساوي الذي تعيشه حلب الآن يكمن في اخفاق المجتمع خلال الأعوام السابقة في وقف الحرب في سوريا، والبدء في تسوية سياسية تحقق طموحات الشعب السوري وتحافظ على بلاده وتحارب التنظيمات الإرهابية.
وأفاد وزير خارجية مصر بأن بلاده سعت باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن إلى دعم كل مشرعات القرارات بشأن الوضع الإنساني في حلب، مؤكدًا أن مجلس الأمن فشل في وقف المأساة بسبب ما اتسمت به أعماله من استقطاب.
ودعا “شكري” إلى إطلاق مسار سياسي دون شروط مسبقة أو مراوغة، ووقف كافة محاولات ترويع الشعب السوري، وقال: “إنه ليس من المقبول إعاقة إطلاق المفاوضات السياسية تحت أي مبررات أو جراء محاولة الحصول على مكاسب عسكرية”، مرحباً في الوقت ذاته، بقرار مجلس الأمن الأخير بنشر مراقبين دوليين.
من جهته، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش “إن مدينة حلب تشهد مأساة كبيرة جراء الحرب، حيث يقتل أطفالها ونساءها، ويتم تهجيرهم سكانها من منازلهم، وهذا جزء من كابوس حوّل سوريا إلى جحيم”.
وأضاف: “أنه منذ بداية الأزمة وسوريا تعاني، ولن يكون مواطنيها وأطفالها آخر ضحايا هذه المأساة التي يندى لها الجبين الإنسانية”.
وأكد قرقاش أن الحرب لن تنته بسقوط حلب، ولن ينته هذا الجحيم، ولن يحسم هذا الصراع المستمر بهذه المعركة أو ذاك، موضحًا أن الخروج من هذه الأزمة لن يكون إلا بالحل السياسي.
وأشار الوزير الإماراتي إلى أن الخيار الوحيد الآن هو الوقوف مع الشعب السوري، منوهًا إلى أن بلاده ستواصل العمل مع كافة الدول المعنية بالأزمة السورية لدعم الجهود السياسية والإنسانية من أجل التعجيل بإنهائها.
من جهته، دعا وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في كلمته أمام الاجتماع، إلى ضرورة وقف إطلاق النار فورًا في جميع أنحاء سوريا، واعتماد موقف موحد للجامعة العربية، والبدء في تحرك جاد لإيجاد آلية تحمل النظام السوري على التوقف عن شن هجمات ضد المدنيين ورفع الحصار عن كل المناطق في سوريا وإفساح المجال لدخول منظمات الإغاثة الدولية والمساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة والسماح للمدنيين بمغادرة المدينة حتى تهدأ المعارك.
وأعرب وزير الخارجية القطري عن تعازيه للأشقاء في مصر والأردن والعراق والصومال واليمن وليبيا وسوريا جراء الهجمات الإرهابية التي سلبت أمن الشعوب العربية، مؤكدًا على موقف دولة قطر برفض الإرهاب والعنف.
وقال “إن ما يجري في حلب هو مذبحة وجريمة إنسانية لا ينتظر منها سوى المزيد من العنف، وإننا نشهد الآن نكبة حلب، كما نشهد عملية تهجير منظم ولم يشهد العالم عملية هدم منهجي للمدن وقصف بالجو كالتي جرت في سوريا منذ الحرب العالمية الثانية”.
وأضاف “يجب ألا نعفي أنفسنا من تحمل المسؤولية، فلا يوجد أي مبرر يسمح للجامعة العربية بالتقاعس عن أداء واجباتها تجاه الشعب السوري الشقيق”، محملًا النظام السوري مسؤولية المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري الشقيق.
وحذر وزير الخارجية القطري من الانعكاسات السلبية للأزمة السورية في حال عدم معالجتها وهو ما يزيد من انعكاساتها على الأوضاع الإنسانية في سوريا ومستقبلها، داعيًا إلى تبني خطوات جادة وعاجلة والتحرك عربيًا ودوليًا وفقًا لما يتم الاتفاق عليه، مطالباً بعودة المهجرين جميعهم إلى بيوتهم، رافضًا مخطط التهجير الجماعي والتغيير الديموغرافي في سوريا.
ودعا الوزير القطري، الدول العربية إلى دعم التحرك لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبارها الخيار الوحيد لتحمل مسؤولياته التاريخية إزاء الشعب السوري الشقيق.
كما شدد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في كلمته أمام الاجتماع، على ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد يعبر عن الإرادة العربية في حل الأزمة السورية، محذرًا في الوقت ذاته من التداعيات الخطيرة لاستمرار الأزمة الراهنة.
ودعا الجعفري إلى وقف كافة أشكال العنف من أجل التوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية خاصة بعد فشل الحلول العسكرية، وكذلك العمل على توفير ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية العاجلة.
وبدوره, أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني ناصر جودة في كلمته، ضرورة الإسراع بإنهاء القتل والعنف في سوريا من خلال عملية سياسية تنهي المعاناة الإنسانية، وتضمن لسوريا أمنها واستقرارها ووحدة مكوناتها وعودة اللاجئين، مستنكرًا ما تعرض له المدنيون في حلب من قتل وحصار وتدمير لمنازلهم.
وشدد على ضرورة الوقف الكامل لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية للمواقع المحاصرة، وضرورة انسيابية عمليات إجلاء المدنيين بشكل آمن وكريم من حلب إلى مناطق آمنة ليتسنى تقديم المساعدات الطبية والإنسانية والإغاثية، معربًا عن إدانته لقيام بعض الميليشيات لقطع طريق خروج المدنيين ومهاجمتهم.
وعبر جودة عن ارتياحه لقرار مجلس الأمن الذي صدر اليوم لنشر مراقبين لمتابعة عمليات الإجلاء، منوهًا إلى ضرورة تطبيقه على أرض الواقع دون أي عوائق.
التعليقات
ومن يقدر يفرض على النظام ضغوط دوليه والروس معه
اترك تعليقاً