بمسمياته العديدة كـ”الارتياب حول الآخرين”، أو “متلازمة عطيل” أو “الغيرة المرضيّة” أو “الغيرة الشكية”، يعد هذا المرض من أكثر الظواهر الشائعة بين الناس، حتى وإن بدت مكبوتة.
ويشعر الشخص المصاب بهذا المرض، بالعديد من التناقضات الوجدانية كالحب والكره، وأن الطرف الآخر غير مكترث له، وأن شريكته ستتركه أو لا تبادله المشاعر نفسها، ما يزيد عنده الشك الذي يتحول إلى ضلالات أو أفكار مفرطة مبنية على أساسات خاطئة وأدلة غير كافية، لا تتأثر بالبراهين العقلانية ولا المنطقية.
وأشار اختصاصي العلاج النفسي والإدمان الدكتور أحمد المطارنة إلى أن “الجانب الطبي لم يقدم تفسيراً علمياً ثابتاً للغيرة الشكية، لأنه مجموعة من الانفعالات المتناقضة، فمرّة يصاب الشخص بالاهتمام والحبّ، ومرّة أخرى بالكره والسلبية، لذلك تتكون عنده حالة من الشك في الطرف الآخر تتمثل بعدم مبادلته المشاعر نفسها، أو أنه سيتركه في أية لحظة، الأمر الذي يعطي الزوج طابعاً تراجيدياً، يُشعره بأنه مظلوم وحزين، آخذاً بمنحى آخر، ومعتقدات مبالغ فيها”.
كما أوضح المطارنة أن “الغيرة الشكية تأخذ شكل ضلالات وأفكار متسلطة تزداد يوماً بعد يوم، بدون وجود أي إثباتات أو براهين يواجه بها الطرف الآخر”، وأضاف قائلاً: “غالباً ما تحب الزوجة الرجل الذي يغار عليها، على أن تكون غيرته عاطفية ومقبولة بشكل عام، بخلاف الرجل الذي يفتقد للغيرة على زوجته، حيث يصفه علماء النفس بالغريب والشاذ”.
وبيّن المطارنة أن فتح باب الشك والغيرة بين الزوجين مشكلة قد يصعب حلها، لأن هناك علاقات داخل مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، إضافة إلى علاقات العمل والزيارات المنزلية، وهذه كلها عوامل قد تُدخل الزوجة في دائرة الشك، فيمكن أن تضطر للتكلم مع زميلها في العمل عبر حسابها على الفيسبوك مثلاً، متسائلاً إن كان هذا يمكن تفسيره سلباً، أو أنها قد فعلت شيئاً مخلّاً بالآداب.
وأضاف بالقول: “دائماً ما تكون المرأة مظلومة، لأن الشرف في المجتمعات العربية مرتبط بالمرأة تحديداً، بينما مُستبعد تماماً عن الرجل”، مطالباً في الوقت ذاته، بعدم جواز تقييد العلاقة بأمور يطلبها الزوج من زوجته حتى تؤكد صدقها أو حبها له، وأنها محلٌّ للثقة، كأن يطلب منها الرقم السري لجهازها الكمبيوتر أو الهاتف، فالموضوع ليس كذلك، بل هناك حدود في علاقتهما بعيداً عن محاولة السيطرة عليها. ولطالما منحها الثقة من البداية، فمن الأفضل له أن يعطيها المساحة كي تصارحه بما تعرضت له من مواقف، دون ريبة أو وجل منه”.
لذلك، أكد المطارنة “ضرورة الاهتمام بالجانب القانوني للغيرة لما لها من تأثير على الأسرة والمجتمع بشكل عام، فكم من الفتيات اللواتي قُتلن بداعي الغيرة المفرطة تجاه الأخت أو الزوجة أو أي أنثى، نتيجة ظلم وقع عليها، وهي بريئة منه”.
وأما أهم النصائح التي قدمها اختصاصي العلاج النفسي والإدمان للزوجين وتحديداً الزوج، أن تكون حياتهما مبنية على الحوار والثقة المتبادلة والتفاهم، و يجب أن تكون الحياة صحية، وفي حال واردت الزوج أي أفكار عليه أن يراجع الطبيب النفسي المختص، والانتباه لتلك الجوانب التي تحتاج للبراهين والأدلة حول المعطيات التي تجعله يشكّ بزوجته.
وأنهى حديثه بضرب أحد الأمثلة، وهي شخصية “عطيل” في مسرحية شكسبير التي قتل فيها حبيبته “ديمونة” وهو تحت تأثير واقع الغيرة المرضية، لأنها خير دليل على النتيجة المترتبة من وراء هذا المرض.
التعليقات
انا بالنسبهه للي احب الرجال الغيوور ..
الغيرة الحلوة المعتدلهه اللي ماتخنق ???
اترك تعليقاً