وصف باحث يدعى داوتي زار المملكة قبل نحو 139 عاماً، وتحديداً في صيف عام 1878م في كتابه عن مجتمع في شمال نجد قائلا هنا الناس أحرار، وأميرهم يتعامل معهم كواحد منهم، ويتمتع أهالي عنيزة بحرية مدنية تبعث على الإعجاب، فلا يتكبر عليهم أمراؤهم، وقد يتصدى أفقرهم للأمير ويعارضه”.
ولم يتوقف دواتي في كتابه عن مدح عنيزة وأهلها قائلاً: “هم أناس متحضرون متأنقون في ملبسهم ومأكلهم وتعاملهم وحتى طريقتهم في المشي والحركة، ويحيون بعضهم بعضا بلطف وبشاشة”، وعلى خطى داوتي كان فلبي متشوقاً لدخول عنيزة، وقد حط رحاله في عنيزة مع الملك عبدالعزيز في 23 أغسطس 1918م.
وقال فلبي: “سبق لي أن سمعت الكثير عن الفرق بين عنيزة وغيرها من مدن نجد عن كرم أهلها وحفاوتهم بالغريب وخلوهم من أي تعصب ديني أو مذهبي، لكن يجب علي أن أعترف بأن التجربة الواقعية أدهشتني وأذهلتني. بدا لي أنني فجأة خرجت من عالم بدائي لألج عالماً متحضراً يمتلك ثقافة عالية، حيث يلقى الغريب داخل أسوار المدينة فوق ما يتصوره من الترحيب وحسن الضيافة بدلاً من أن يكون محل شك أو ريبة وكأنه ضيف على سكان المدينة جميعهم”.
وأوضح فلبي أن أعيان عنيزة يبالغون في إغداق كرمهم عليه دون رحمة أو هوادة، وضيافتهم ليست فقط سخية لكنها أيضاً في منتهى الذوق والأناقة، “إنها حقا جوهرة المدن العربية”.
باريس نجد
هذا اللقب الشهير الذي أطلقه على عنيزة الرحالة اللبناني أمين الريحاني الذي دخل عنيزة بعد فلبي بقليل أي منذ نحو (97 عاماً)، تحديداً منذ اليوم الذي أسرته كلمة “تفضلوا نقهويكم”، وذكرها كثيراً في كتابه، وسماها الكلمة الطيبة.
لم يكتف الريحاني بلقب باريس نجد الذي أطلقه على “عنيزة” فقط، بل أمطرها بعدد من المسميات: “عنيزة قطب الذوق ومليكة القصيم وحصن الحرية ومحط رحال أبناء الأمصار”.
وأضاف: “عنيزة قطب الذوق والأدب وباريس نجد، وهي أجمل من باريس إذا أشرفت عليها من الصفرا، لأن ليس في باريس نخلا وليس لباريس منطقة من ذهب النفود. بل هي أجمل من باريس حين إشرافك عليها، لأنها صغيرة وديعة خلابة بألوانها كأنها لؤلؤة في صحن من الذهب مطوق باللازورد”.
وتابع الريحاني وصف عنيزة بشكلٍ قال عنه الأدباء إن “عنيزة” سحرته بالجمال والتعامل.
كيف تميزت؟
رأى يوسف الوهيب أمين اللجنة السياحية في عنيزة أن المميزات التي سجلها الرحالة الذين توافدوا على عنيزة جعلتها محط أنظار دوماً رغم النظرة السوداوية لبعض المستشرقين عن المجتمع في نجد.
وأشار الوهيب المتتبع لتاريخ عنيزة الحديث والقديم إلى أنه يجد مبادرات متعددة ميزت عنيزة عن غيرها، بعضها يخص رجال الأعمال، وكذلك المثقفين والمبادرين في شتى المجالات.
ولا تزال عنيزة تحتفظ ببواباتها الأربع وسط الشوارع، وكذلك حقول النخيل، ويعيد سوقها الشعبي التاريخي المسوكف بمبادرة من عائلة الزامل. فيما تكفلت عائلة الجفالي ببناء مدينة عنيزة للخدمات الإنسانية لتستقبل طالبي العلاج في كثير من الحالات الإنسانية.
وفي جانب الأدب والثقافة، يقام مهرجان سنوي باسم مهرجان عنيزة الثقافي وكذلك أقيم مركز ابن صالح الثقافي.
وتكاد تكون عنيزة المحافظة الوحيدة التي أطلقت مشروعاً كبيراً منذ نحو 15 عاماً للمحافظة على أشجار الغضا لتصبح نفود المصفر واحدة من أفضل المواقع البرية المحافظ عليها في السعودية.
وتحتفل عنيزة سنوياً بمهرجان ضخم للغضا يهدف للمحافظة على البيئة والاهتمام بها .
في الجانب الآخر، تفتح فرقة للفنون الشعبية أبوابها أمام الزوار والمهتمين بألوان الفن الشعبي، موقعهم في عنيزة في مقر دائم أقيم بجهود ذاتية من قبل المجتمع في عنيزة.
التعليقات
انا اشهد انها اجمل من باريس وكل المدن الغربيه ,,
اترك تعليقاً