أكد الباحث في التاريخ المكي محمد علي يماني، أن كل الوسائل الحديثة لإرشاد التائهين ظهرت ابتداء من عام 1978 ميلادية، فيما كان البحث على الحجاج قبل قرن يتم بطرق تقليدية.
وأشار يماني إلى أن الحجاج قديما كانوا يمكثون في مكة قرابة الستة أشهر، وذلك بعد رحلة شاقة وطويلة تستغرق أحيانا شهورا للسفر من بلدانهم إلى مكة، حيث يبدؤون بالوصول في رجب ويمكثون حتى شهر محرم.
وأوضح أن ضياع الحجاج كان يتزايد غالبا بين شهري رجب وشعبان، بحكم عدم معرفة الحجاج بالأماكن في بداية الأمر، ولكن مع الاقتراب من شهور ذو القعدة وذو الحجة، كانت نسبه التائهين تقل تدريجيا.
وأضاف يماني: ” أول طريقة يسلكها أهالي مكة لمساعدة الحجاج التائهين، هي طريقة (المعلم)، والمقصود به المطوف. حيث كانوا يسألون الحاج بلغته: من هو معلمك؟ (من هو مطوفك؟). وكان أهالي مكة سابقا يمتازون بمعرفتهم للغات مختلفة، خصوصاً لغات الحجاج ذو الكثافة كالأوردو والجاوة والهوسا. والأمر الذي كان يسهّل العثور على الحجاج التائهين هو أن المطوفين كانوا قلة ومعروفين من غالبية أهالي مكة ” .
وتابع يماني: ” الطريقة الثانية هي (الأوراق)، وتستخدم مع الحجاج كبار السن، ممن لا يستطيعون التواصل مع الآخرين بشكل مفهوم، إذ يتم تسليمهم أوراقا أشبه بالبطاقات حاليا، مكتوبة فيها اسماؤهم وأسماء مطوفيهم، بحيث يتم توصيلهم لمنزل المطوف حال ضياعهم. ولكن أحيانا كان الحجاج يفقدون أوراقهم، وفي هذه الحالة تتم استضافة الحاج التائه من قبل إحدى الأسر في مكة ويتطوع أفرادها بالذهاب للمطوفين وإخبارهم بأنهم عثروا على حاج تائه ” .
وقال يماني إن الطريقة الثالثة تتمثل في تجميع الحجاج التائهين في أماكن معينة، مضيفاً أن هذه الطريقة ابتُكرت في مرحلة متأخرة بسبب تزايد أعداد الحجاج. وكان أهالي مكة يتطوعون لأخذ الحجاج من هذه التجمعات وتوصيلهم إلى مقر سكنهم. وقد تطورت الفكرة بعد ذلك حيث قامت وزارة الحج بتأسيس مراكز للحجاج التائهين، فيها مجموعات من الكشافة يتناوبون على خدمة الحجاج على مدار الساعة.
يذكر أن دارسة بحثية كشفت أن أبرز أسباب تيه الحجاج هي كبر السن وعدم القراءة، توسع المشاعر عمرانيا، عدم الانتباه للمعالم القريبة، عدم البقاء مع الفوج. ولذلك تنوعت وسائل الإرشاد لتناسب كافة شرائح الحجاج، بدءاً بنقاط إرشاد التائهين والكشافة، مرورا بالأعلام واللافتات والبالونات التي تمكن الحجاج من معرفة مواقعهم عند رؤيتها، وانتهاءً بالأساور الإلكترونية والخرائط الرقمية.
التعليقات
اترك تعليقاً