على الرغم من السبعة عقود التي عاشها بحلو الحياة ومرّها؛ إلا أن ذاكرة الحاج السوداني فضل الله عمر، لن تشيخ أمام تلك المكالمة التي تلقاها من الشؤون الدينية في الخرطوم بانضمامه لبرنامج خادم الحرمين الشريفين وتأدية ” حجة العمر ” ، فيما اختصر القدر حياة ابنه من السودان لجازان ثم البقيع.
يقول الفلاّح فضل الله، – ودموع الفراق على ابنه الوحيد ” النورين ” لا تتوقف- ” رزقني الله بابن بار بوالديه ، ثم فارقت أمه الحياة وهو على مقاعد الدراسة الثانوية ، وبعد اشتد عوده وانحنى عودي التحق بالجيش وأصبح يعينني على مساعدة شقيقاته “.
وأضاف: ” خدم النورين 17 عاما في الجيش السوداني ، ووصل إلى رتبة رقيب ، ووقع عليه الخيار بالمشاركة مع قوات التحالف بحرب ميليشيات الحوثي ، وغادرنا إلى المملكة ونحن نعتصر ألما وننتشي فخرا ، فيما اضطررت للتركيز على بيع المواشي لمواجهة ظروف الحياة ” .
وتابع الحاج حديث المنعطف الأخير في حياة “النورين”، قائلا:” كان ابني يتصل بي وبشقيقاته الخمس كل أسبوع مرة، وكان يطمئن على أحوالنا بإلحاح ، وفي مساء يوم 21 رمضان الفائت أتصل بي مطمئنا كعادته إلا أنه هذه المرة قال: أنتم موعود هذه السنة بالحج بإذن الله!، وكررها مرارا ، وكنت أردد: بإذن الله ، وأتممنا المكالمة ، وفي الغد وردنا إتصال من والي القرية يخبرني باستشهاد “النورين”.
ويصف والد الشهيد سبب دفن ابنه في مقبرة البقيع بـ” المكرمات ” ، مشيرا إلى أن ” النورين ” كثيرا ما يمنّي النفس بالدفن هناك ، وبالفعل كان له ما أراد ، ” وكان لي ما لم أتوقعه في دنياي ، فتم اختياري ضمن ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ، وسيتحقق الحلم الجديد بزيارة قبره في المدينة المنورة ” .
وقدم ” فضل الله عمر” شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بعد عبدالعزيز على هذه المبادرة التي أسعدت أسر الشهداء وذويهم من المشاركين في عاصفة الحزم وإعادة الأمل من دولة السودان ، داعيا الله أن يحفظه ويجعله ذخراً للوطن العربي والأمة الإسلامية.