الخيرية التي وعد بها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (خيركم من تعلم القرآن وعمله) أغرت العديد من الناشئة للالتحاق بحلقات القران الكريم المنتشرة بالمملكة.
ولكن قصتنا اليوم التي نرويها لا تتحدث عن هؤلاء النشىء بل تتحدث عمّن تركوا مقاعد الدراسة منذ سنوات ونالوا أعلى الشهادات في الطب والذين تركوا كل هذا وعادوا طلاباً يحفظون ويتدارسون القرآن الكريم.. قصص الأطباء الحفاظ في التقرير التالي..
أتم الحفظ في عام واحد
الدكتور صلاح الشيخ السماني أحد ملامح مستشفى الأمل وأحد الآمال التي أشرقت وغيرت حياة المدمنين فعمله بالمستشفى أخصائياً نفسياً كان له الدور الكبير في شفاء العديد من النزلاء…
بل إن عمله وتفانيه في أداء رسالته السامية امتد إلى خارج المستشفى وذلك لنشره العديد من الأبحاث في عدد من المجالات العالمية الطبية المتخصصة وهذه الأبحاث تناقش مجال الإدمان وطريق التخلص من الانتكاسة.
عن قصة حفظه للقرآن يقول: معتوق – مدمن سابق – كان أحد النزلاء الذين أشرفت على علاجهم ولكنه بعد علاجه وحفظه للقرآن الكريم أشرف شخصياً على حفظي لكتاب الله فانظر كيف أن القرآن يغير من سلوك النزلاء إيجاباً فقد تحول معتوق من حالة اشرف عليها إلى معلم لي يتابع حفظي للقرآن يقول تعالى: (فيه شفاء للناس).
وأضاف السماني: الحمد لله الذي وفقني لحفظ كتابه في عام واحد فقط وهذا بتوفيق الله وبدعم حلقات التحفيظ في خيركم.
بركة القرآن جعلته طبيباً
هو باختصار الحافظ الأول للعام 1430هـ والذي فجّر مفاجأة من العيار الثقيل حيث إنه شقيق ( أبو بكر ) الأول على مستوى جدة العام قبل 1428هـ ليثبت بأن مثلث الأسرة والمسجد والمدرسة كان له الدور الكبير في تفوقه ونجاحه – بعد توفيق الله – إنه عدنان عمر الحبشي البالغ من 25 عاما من أبناء مركز ابن المبارك المسائي, والذي حصد المركز الأول بجدارة حيث يعلل ذلك بعد فضل الله بتوجيه ومتابعة أسرته ومعلميه محمد الحبشي وهشام با فضل.
الطبيب عدنان حصل على الامتياز في الطب ويعمل الآن بمستشفى الملك عبد العزيز بجدة يقول عن بدايته مع الحلقات : بدأت في حضور الحلقات بداية المرحلة الثانوية العامة وكان هناك خوف من الأهل وتوجس من حضور الحلقات ربما يكون على حساب تفوقي في دراستي ، لكنني كنت أحفظ الصفحات المطلوبة مني من القرآن خفية ، وكان هذا تحدي بيني وبين نفسي وفي صف ثاني ثانوي حققت نسبة 100% في الصف وقمت بإعطاء أهلي تلك الشهادة وأبدو ارتياحهم لذلك.
ويضيف: في أثناء دراستي الجامعية كنت أراجع أسئلة معينة في المنهج بحكم كثافته ، ومن توفيق الله لي أن الاختبار كان يأتي من الدروس التي أراجعها ، فكنت أرى أثر بركة حفظ القرآن أمام عيني وأنا أرى أن التحفيظ كان سبباً في تفوقي ليس في الحلقات وحسب بل امتد إلى الجامعة وما بعدها.
العودة إلى حلم الطفولة
الأستاذ المشارك ورئيس قسم الجراحة العامة بكلية ابن سينا بجدة الدكتور محمد السيد اليزل، عاد مجدداً طالباً، ولكن في حلقات القرآن الكريم؛ ليتلو كتاب ربه ويحفظ آياته حتى ينال الخيرية التي وعد بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك على الرغم من كثرة المهام وضيق الوقت.
قصة الدكتور اليزل بدأت قبل عامين حيث يقول: ” منذ طفولتي وأنا أتمنى أن أحفظ القرآن، وقد بدأت ذلك في فترة المراهقة، حيث حفظت سورتي البقرة وآل عمران، ولكن بعد أن التحقت بكلية الطب انشغلت بالدراسة الجامعية، وبعد حصولي على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وممارستي للطب لسنوات إلى أن أصبحت رئيس قسم الجراحة العامة بكلية ابن سينا بجدة، راودتني فكرة تحقيق حلم الشباب، فانضممت لحلقات مسجد شيخ الإسلام بجنوب جدة، التابع لجمعية “خيركم”، والتقيت إمام وخطيب المسجد الشيخ محمود، والذي عرفني بمعلمي الشيخ عمر ياسين، المسؤول عن حلقات الكبار والموظفين، والذي شجعني وكان يراجع لي ما حفظته حتى خارج أوقات الحلقة، مبيناً أن تنظيم الوقت لا يجعل الحفظ مستحيلاً ” .
وبيّن ” اليزل ” أن حفظ القرآن الكريم جعله أكثر التزاماً بدينه وبعمله، حيث نصح الأطباء بالانضمام للحلقات ليكونوا ممن قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، ويجدوا البركة والحلاوة الحقيقية للطاعة، وحثهم على استحضار النية في علاجهم للمرضى، وتذكيرهم أن هذا البلاء من الله ليرفع درجاتهم.
لم يشغلني القرآن عن عملي
الدكتور عدنان ديب عاشور أحد طلاب خيركم وطبيب استشاري في الطب النفسي و الشرعي و ذلك بمستشفى الصحة النفسية بمحافظة جدة بدأ مشواره مع كتاب الله منذ حوالي ثلاثين عاما و لكن لفترات يتخللها انقطاع لكنه بدأ الحفظ المتواصل منذ عام 1418هـ إلى أن أتم حفظه لكتاب الله تعالى في عام 1423هـ و حصل على شهادة من الجمعية بتقدير ممتاز و اجازة برواية حفص عن عاصم.
و انضم لمعهد الإمام الشاطبي و كان الهدف منه الحصول على مزيد إتقان للتلاوة و فهم و حفظ مقدمة الجزرية و رفع مستوى التجويد النظري و العملي. وأكد الدكتور عاشور بأن أبنائه غبطوه على الحفظ وانضموا للحلقات فأتم ابنه محمد حفظ القران و حصل على الشهادة في نفس السنة التي نالها هو أيضاً كما حفظ القرآن ابنه عبدالله و حاليا يحفظ ابنه عبدالرحمن القرآن الكريم.
وخطوته القادمة هي أن يركز اهتمامه على تطوير حلقة التحفيظ التي يديرها و كذلك أن يفيد مرضاه بالقرآن كقوة دافعة في العلاج النفسي للمرضى.
وعن الحلقات إن كانت أشغلته عن عمله وتعارضت معه قال : لم تتعارض دراستي و حفظي لكتاب الله مع عملي فقد خصصت فترة ما بين المغرب و العشاء للقرآن و ذلك لسنوات و كان شعاري ( قليل متصل خير من كثير منفصل) فحضرت خلال ذلك دورات كثيرة في التجويد العملي و النظري من خلال جمعية تحفيظ القرآن بالطائف ومن ثم في خيركم بجدة.
عشرات الموظفين.
من جهته بيّن رئيس مجلس ادارة جمعية خيركم بجدة المهندس عبدالعزيز حنفي أن حلقات الجمعية يتخرج منها سنويا العشرات من الأطباء والمهندسين والحرفيين والموظفين وكافة الفئات ، فالقرآن هو حياة المسلم وراحته ومهما كانت انشغالاته وظروفه إلا أنه يتغلب عليها بعد أن يحمل كتاب الله في صدره.
وأضاف رئيس خيركم :لدينا في الجمعية حلقات للكبار وهي حلقات تضم الموظفين والمتقاعدين والجامعيين وفيها مئات الطلاب ويتخرج منها العشرات من ضمنهم أكبر حفاظ الجمعية والذين كان آخرهم الستيني الشيخ أكرم الجرجاوي.
التعليقات
اترك تعليقاً