سلوكياتنا ترتكز على نقاط تحفيز محددة هي العواطف الدافعة للسلوك ، لكن هذه العواطف احيانا تكون بدائية وغريبة واكثر ازعاجا من العواطف المعتادة و تتسبب في ذرف الدموع والاكتئاب العميق والامال والتعلقات المفرطة ومن يعانون من تلك العواطف غالبا تكون لديهم ايماءات ونبرة صوت مختلفة في لحظات الكثافة الشعورية للعاطفة كأنهم يسترجعون بأجسامهم لحظة من باكورة حياتهم .
اهمال الطفولة وسوء المعاملة العاطفية هما السبب وراء اكثر المشكلات النفسية يعاني منها الناس اليوم ، فترعرع الاطفال مع اباء مهملين او غائبين او اباء استمروا في نقل الاساءة العاطفية التي تعرضوا لها هم انفسهم الى اطفالهم تتسبب في العديد من اضطرابات الشخصية واضطرابات الاكل والنوم.
الحالات النفسية وان بدت منفصلة ومتقلبة الا انها تندرج في تيار متصل لاينفك فيه الماضي عن استدعاء الحاضر والحاضر عن استعادة الماضي ، كل تجربة مررنا بعا في طفولتنا تترك اثرا غائرا في نفوسنا ، تخلف جروحا ومواطن ضعف تظل مدفونة في عقولنا الى يظهر شخص اوحدث فيحفز ذاكرتنا وتنطلق مع هذه الذاكرة مواد كيمائية ( هرمونات ) تؤثر علينا ، وتشكل استجابة لاعقلانية ناتجة عن افكار وذكريات في عقولنا وليست ناتجة عن الواقع واحداثه .
سلوكياتنا التي تغدو خرقاء وغريبة عن شخصياتنا تستند الى عواطف رئيسية تشكل دافعا للسلوك فقد يكون الخوف محفزا لسلوكنا، الخوف من فقدان السيطرة على الامور او الخوف من العجز او الفشل والاخفاق ، الخوف من اشد العواطف خطورة فقد يدفعك للانسحاب من الواقع ومن حياة الاخرين كحال طفل ينزوي بكرة يلعب بها وقد يجلب الخوف مرضا يدفعك الى مغادرة الحياة بكل ببساطة.
وقد يكون الحب هو العاطفة المسيطرة عليك فيدفعك الى الاستماتة في البحث عن علاقة ابوية او اخوية وثيقة في الزمن الحاضر تعيدك لك امان ماضي افتقدته في طفولتك ويأكلك الحنين اليه .
كثيرا ما يكون الشك في نوايا الجميع وفقدان الثقة والريبة المفرطة تلك العاطفة المؤثرة التي نشأت من شخص نافذ في طفولتنا خيب امآلنا او خان ثقتنا وغالبا مايكون ذلك الشخص هو الاب ، فتدفعك هذه العاطفة لموقف متمرد مفاجئ.
بإساءة فهمنا للزمن الحاضر واستجابتنا من الزمن الماضي ننشئ صراعا وخيبات امل تزيد جراحنا عمقا وقد نكون مبرمجين لأعادة تكرار تجربتنا الاولى في الزمن الحاضر ،
وربما كانت حالة( التكرار القهري ) عند فرويد صورة جلية لتأثرنا بطفولتنا حيث يعيد فيها الناس تجاربهم في الطفولة مع والديهم ، فمن كانت ابنة لاب مدمن وعلى عكس المتوقع تتزوج من مدمن وابنة الاب الغاضب تنجذب الى شريك غاضب ، حيث في اللاوعي يبعث تكرار المألوف بانتصار هذه المرحلة على حالة شعروا بالعجز تجاهها لكن للاسف كل مايحصل هو نكء الجروح والشعور انهم غير جديرين بالحب ( كل ذلك يحدث خارج حدود الوعي).
لذلك من المهم نحمي انفسنا بمعرفة العواطف البدائية وادراكها ، وان نكافح لتحرير انفسنا من قبضتها ، بالتأمل في مصدرها المحتمل و استكشاف ما خلفته من جروح بداخلنا والانماط التي حبستنا بداخلها ، فهذا الفهم العميق للنفس ومواطن ضعفها هو خطوتك الاولى للسير في طريق االنضوج العاطفي و اعادة التوحد مع ذاتك و نسج علاقة مغايرة مع عالمك تثمر توازنا وتكاملا.
التعليقات
اترك تعليقاً