مرت ثلاثة عقود ونيف على إستباحة أرض عربية على يد بلطجي تسنم زمام العراق فقتل وحرق وأباد مسلمين وعاث في الأرض فسادا.. أربعة وثلاثون عاما لاتزال عالقة في مخيلة الكثير ممن تعايشوا تلكم اللحظات..

كنت مع ابن خالتي الشهيد البطل علي بن سعد الشمري احد ضباط الداخلية وبيننا جمع من رجال المقاومة في منطقة الجهراء.وقتئذ لم أكن محترفا لقتال ولااعرف استخدام السلاح بشكل جيد لكن حماس الشباب في دواخلي حفزني على معرفة كل شيء..

أطلقت النار على أهداف ثابته ومتحركه داخل الكويت.. وتمكنت من حمل السلاح بشكل جيد بمعاونه إبن خالتي الذي دربني على تفكيك عدة أسلحة اوتوماتيكيه وتعبئة الرصاص وجاءات فرصة فدائية اشتركت معه فيها لمحاصرة فرقة عراقية كانت تسيطر على خزانات مياه الجهراء وكانت الخطة بمعاونة مهندس من وزارة المياة لسكب كمية كبيرة من مادة شديدة السمية لقتل فرقة تتكون من مئتان عسكري يحاصرون الموقع ويستخدمون المياة لنقلها إلى مواقع عسكرية أخرى على الجبهات كانت الفكرة جهنمية لإن الكثير من الجيش العراقي المغتصب سيقتل بمجرد شرب الماء المسمم بمادة لايمكن شم رائحتها..

شارك في تركيب السم دكتور جامعي لايحضرني اسمه.. تم تحديد الوقت ووضع خطة تمكننا من الانسحاب بعد العملية لننتظر النتائج .. كان بطل العملية علي بن سعد الشمري وكنت أرافقه لتحديد الموقع واستكشاف المكان بشكل دقيق.. وقبيل التنفيذ ومعنا جوالين صغيرة لسكبها في البئر السفلي للخزانات بنحو بساعة او ساعتين جاء من يؤكد وقف العملية فورا..

عدنا لادراجنا نستفسر عن عدم إتمام العملية خاصة وان الأمور كانت تسير بشكل أكثر من رائع واتضح لاحقا ان شبكة المياة ستصل أيضا إلى أهل الجهراء وسيصاب الكثيرين وتكون الكارثة علينا وليس لنا..

انتهت العملية لكن هناك من وشى بنا وتمت مداهمة بيت خالتي بالجهراء ووضعوا حراسة عليه من قبل الجيش العراقي كنا وقتها في الكويت العاصمة لكن أصدقاء إبن خالتي أبلغوه أن لانعود للبيت..

في هذه اللحظات أصر الشهيد ابن الخالة على خروجي من الكويت بعد نحو شهرين وعشرين يوما خوفا علي من القتل وتعمد ان يقسو بكلامه حتى أخرج من الكويت ولهذه قصة اعتقال أخرى عشت تفاصيلها وهروبها من الكويت إلى البصرة والهروب الى بغداد ثم إلى الأردن وهي في كتابي “صعاليك صاحبة الجلالة” المطبوع عبردار تكوين للنشر بجدة ..

لكن الشهيد علي القي القبض عليه في الجهراء أثناء خروجه لجلب الطعام.. كانت هناك أعين خائنة ترقب كل تحركات رجال المقاومه.. أخذوا علي وتم إعدامه ومعه اثنين من رفاقه دون محاكمة ولم نعرف له الى اليوم مكانا ..

كان الجيش العراقي لايرحم طفلا ولا إمراة ولا شيخا. فقدوا كل الشيم والقيم العربية وعاثوا في الأرض فسادا “تمرجلوا” على شعب أعزل بلا شجاعة .وحين واجهتهم الجيوش العربية مع التحالف الدولي هربوا كالجرذان وهو ما يفعله اليهود اليوم بأهلنا في فلسطين .. لكن عدالة السماء أخذت بثأر كل كويتي قتل ظلما..

ولاتزال مآتم العراق في كل بيت من جرائم جيشه وأبنائه.. حتى احتله الفرس ونكلوا به..

لم يكن يرضينا ذلك لشعب عربي وجيش كنا نأمل فيه قوة عربية مشاركة لتحرير فلسطين لكن العنترية التي لاتزال في دواخلهم جعلت منهم مطية للفرس ولعل الله يقيض للعراق عربيا حقيقيا يخاف الله ومسلما يحقن دماء شعبه..

ليعود العراق آبيا شامخا في وجه الاستبداد وليس أداة له ..