أبهرتني عبارة كُتِبت بيد خطاط مُبدع تقول : ” لو لم يخترع البشر الفن كانوا من الممكن أن يموتوا من الحقيقة “..

فعلاً (الفن) يُجمّل الحقيقة ويخفف من وطأت جورها ويغطي عيوبها ويُلطّف قسوتها ويعيننا على تقبل مرارتها ويدفعنا لمواجهتها ويُلبسنا حُلل الصبر والحِكمة للوقوف بكل صرامة أمام قوتها ..

نحن في معركة هذه الحياة وحقيقتها الصعبة ، بين مُناضلٍ مُكافحٍ مُحاربٍ يرجوا النجاة منها بأقل الخسائر ، وبين مزعوج ومكتئب وحزين يبحث عن السلام الداخلي ، ناهيك عن المتبلّد الذي طحنته حقيقة الحياة وبرمجته على الروتين اليومي وحولته كمحركٍ يعمل منذُ ظهور الضوء لعتمة الليل..
.
ثم يأتي (الفن) على هيئة سُلّم موسيقي ونغمة شادية ، جابراً للخواطر ، أو ريشة فنان تلوّن المُعتم من الحياة ، أو قصبة خطاط سطّرت حروفاً من ذهب لتنير فكر مخنوق ، أو شاعر مُلهِم ينظمُ عقوداً من دُرر لتطوق روح متعبة ، أو كتاب يحوي رواية خيالية تُحلّق بقارئها بعيداً عن الحقيقة الموحشة ، أو خاطرة تُفرّج قلب مهموم ، أو نُكتة تُروّح النفس وترسم البسمة على الشفاه الحزينة أو مسرحيّة تسخر من الواقع وتجعلهُ صغير في عين الخائف..

(الفن) بكل صنوفه وأنواعه يُهذّب الروح ويروّض السلوك ويفتح ما أُغلق من مدارك العقل ويحارب طغيان النفس ويغتال العدوانية والتسلُّط في البشر وينشر الحب والسلام..
.
السلام وكل التحايا والحب والامتنان والعرفان ، على من أخترع الفن وأعاننا على تحمُّل حقيقة هذه الحياة..