الله عز وجل لما خلق هذه الدنيا أوجد فيها البشرية التي تعمر الأرض، وسخر بعضهم لبعض كما سخر كل شيء لخدمتهم، وغرس الحب والعاطفة وخدمة الآخرين في أخلاق الناس وتعاملاتهم مع بعضهم البعض، كما أوجد المعروف بينهم، وجعل ما يقدمه الإنسان لخدمة الآخرين يكون وفقاً لما جاء في الكتاب والسنة، وهم بذلك يبتغون الأجر والثواب من الله وخدمة العباد والبلاد. وأنا في هذا المقال سأتطرق إلى قيمة المعروف وأهله فأقول: إن كلمة المعروف جاءت في المعجم الوسيط كالتالي: العُرف: المعروف، وهو خلاف المنكَر وما تعارَفَ عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم. وفي الاصطلاح: المعروف: هو كل ما يَعرِفُه الشرع ويأمر به، ويمدحه ويُثني على أهله، ويدخل في ذلك جميعُ الطاعات، وفي مقدمتها توحيدُ الله عز وجل والإيمان به، ولذلك حث الإسلام وكافة الشرائع السماوية على إسداء المعروف والعمل على تحقيقه في المجتمع بما يسهم في تعزيز التكافل بين أفراده مثل: كفالة الأيتام وإماطة الأذى عن الطريق وزيارة المريض وقضاء حوائج الناس والتيسير على المعسرين وغيرها مما حضت عليه الشريعة الإسلامية في كريم الأخلاق، ومما لا شك فيه أن بذل المعروف للآخرين بما أعطاك الله ومكنك قيمة إنسانية يستحق صاحبها الأجر والثواب.
فالإنسان مثلاً بطبعه يحب الحياة، ويكره الموت فعندما يصيبه مرض، ويقعده في بيته أو المستشفى تحيط به الشكوك واليأس والقنوط ـ ومن عاش تلك المرحلة يعرف ذلك ـ وهي من أصعب المراحل وأشدها على الإنسان، ولذلك حثت الشريعة الإسلامية على زيارة المريض كما ورد عَن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبي ﷺ قال : «من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه منادٍ بأن طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً » و مقاصد الزيارة كثيرة، ولعل من أبرزها تسلية ذلك المريض وتقوية إيمانه بالله وزرع الأمل في قلبه ، فعندما ترفع عن مريضك هذا الألم، وتبذل له كل خير بما أعطاك ومكنك الله فإن ذلك عمل كبير يدخل في نفس المريض السرور، وتنال بسببه الأجر والمثوبة ، وكذلك عندما تتعاهد جيرانك الذين هم في أمس الحاجة إليك ولا سيما إذا كانوا أيتاماً أو أرملة أو فقيراً وقمت بقضاء حوائجهم وتنفيس كربهم وبذل المعروف بما حباك الله، فإن ذلك من الأعمال الجليلة والمباركة.
فمن سار في قضاء حوائج الناس قضى الله عز وجل حوائجه، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ» أتظن أن هؤلاء الضعفاء ينسون ذلك المعروف ، إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة فهم من يشفعون للناس في الآخرة ، وورد في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» قال ابن الأثير: روي عن ابن عباس في معناه يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة لهم معروفهم، وتبقى حسناتهم جامعة فيعطونها فإن زادت سيئاته على حسناته يغفر له ويدخله الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة ، فلا تبخل على نفسك ببذل المعروف حتى على الحيوانات كما في قصة البغي التي أدخلها الله الجنة لكلب سقته الماء كان يلهث من العطش ، نحن قد منّ الله علينا بنعمة الإسلام فما نبذل من خير يعلمه الله، ويجازي بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً قال الله تعالى ((وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)) ، وقد يكون المعروف الذي بذلته سبباً في دفع البلاء عنك أو زيادة رزقك أو بركة في أهلك ومالك ، فابذل المعروف بإخلاص ويقين وربك الكريم سوف يعطيك حتى ترضى ، وإياك ثم إياك أن تترفع على من بذلت له المعروف أو تمنّ عليه فيحبط ذلك العمل، ويكون وبالاً عليك .
التعليقات
اترك تعليقاً