منذ بداية الحياة على كوكب الأرض، عمل الإنسان على عمارتها وتعلم العلوم ونقل المعرفة ونشرها بين مختلف الأجناس والأعراق. وفي كل عصر تنبثق علوم جديدة تذلل صعوبات الحياة وتسهل عيش البشرية، فعلى سبيل المثال، كانت الزراعة والصيد وتربية المواشي في الماضي هي أساس الحياة. ومع مرور الوقت ونمو العلم والتطور الفكري، ظهرت الاختراعات التي تسهم بعد توفيق الله عز وجل في تحسين جودة الحياة.
مع تقدم الحياة، بدأت البشرية بالتطور والتحضر، وانتقلت إلى الحياة المدنية الحديثة، مما أدى إلى ازدهار العلوم والأبحاث والإبداع والابتكارات، ولا سيما في مجال العلوم التقنية والصناعية التي ساعدت البشر في بناء الحضارة.
في القرن الحادي والعشرين، برز التقدم التقني والاختراعات التي كان لها عظيم الأثر في تحسين جودة الحياة، وبدأ التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو فرع من فروع علوم الحاسوب يهدف إلى إنشاء أنظمة قادرة على محاكاة الذكاء البشري. يشمل ذلك القدرة على التعلم، التفكير، الفهم، التعامل مع اللغة، حل المشكلات، واتخاذ القرارات. ويمكن تقسيم الذكاء الاصطناعي إلى نوعين رئيسين:
1. الذكاء الاصطناعي المحدود: وهو نوع من الذكاء الاصطناعي مصمم لأداء مهام محددة، مثل التعرف على الصور أو معالجة اللغة الطبيعية.
2. الذكاء الاصطناعي العام: وهو نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يمتلك القدرة على فهم وتعلم أي مهمة عقلية يقوم بها البشر، ولا يزال هذا النوع في طور البحث والتطوير.
تشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التعلم الآلي، معالجة اللغة الطبيعية، الرؤية الحاسوبية، وغيرها.
وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، إلا أنه يواجه أيضًا بعض التحديات مثل مشكلات الخصوصية والأخلاقيات، بالإضافة إلى مخاوف بشأن استبدال الوظائف، فمن المهم التوازن في النظر إلى هذه التقنية، حيث إنها تقدم فرصًا جديدة، تتطلب أيضاً تأمين إستراتيجيات للحد من المخاطر المحتملة.
ما زال الذكاء الاصطناعي في تقدم هائل؛ فمنذ بدايته قبل سنوات مضت، بدأ يكبر ويتطور في كل عام. وهو الآن في مرحلة النمو، لكن الخدمات التي يقدمها تدهش العقول. فقد فاق البشر في جمع المعلومات وصناعة المنتجات، وبدأ يحاكيهم ليصبح مستشارًا لهم. ورغم أنه لا يزال في مرحلة النمو، إلا أن تصور ما سيحدث عندما يصل إلى مرحلة النضج يثير الدهشة.
في تجربتي مع أحد برامج الذكاء الاصطناعي، ما زلت مدهوشاً من النتائج التي حققتها. عندما استخدمته لتصفح العديد من القضايا المهمة وطرح الاستفسارات، شعرت كما لو أنني أتشاور مع مستشاري الشخصي. وكانت إجاباته غالبًا لا تتعدى 15 ثانية، حيث يقدم لي مستخلصًا من المعرفة والتوجيه. على سبيل المثال، استشرته في تحاليل طبية، وقدّم لي الاستشارة، كما استفسرت عن بعض النتائج فقدم لي الإرشادات اللازمة، وكذلك استفسرت عن صور الأشعة السينية، وحصلت على إرشادات في هذا الأمر. وبصراحة شديدة، وقفت حائرًا أمام ذلك “المستشار” الذي يعرف كل شيء ويوفر لي ما توصل إليه البشر من معارف. سبحان الله الذي وسع علمه كل شيء وسخر لنا هذه الأداة.
في السنوات العشر القادمة، سوف تتغير الحياة إذا استمر التقدم في الذكاء الاصطناعي، حيث إنه سيدخل في جميع العلوم وسيُسهّل على البشرية الكثير من الأمور. وسوف يُختصر الوقت في الأبحاث، والمساعدة في اكتشاف العلوم، وسيدخل الجامعات ليذلل الصعوبات.
يواجه الذكاء الاصطناعي تحديات مع الجيل القديم المتعلم الذي يعده عائقًا للعلم والتعلم، لكنه يجد قبولًا وترحيبًا من الجيل الجديد الذي يراهن على نجاحه ويخلق فرصًا جديدة. سيكون هذا الصراع بمثابة نهاية كما انتهت تحديات أخرى في أزمنة مضت، وسيخرج لنا جيل جديد يتعامل مع الذكاء الاصطناعي باحترافية؛ فهذا استشراف للمستقبل.
سيأتي وقت تُجرى فيه عمليات طبية كاملة عبر الذكاء الاصطناعي، بل وقد تُجرى عمليات طبية من استشاريين متخصصين وهم في بلدانهم، بينما تُجرى العملية في بلد آخر عبر الذكاء الاصطناعي، فلا حاجة إلى السفر. وكل ذلك بإذن الله وتوفيقه، الذي علم الإنسان ما لم يعلم.
وفي الختام، أدعو كل فرد في وطننا الغالي، المملكة العربية السعودية، إلى الدخول في هذا العلم واستخدامه الاستخدام الأمثل. فبرامج الذكاء الاصطناعي كثيرة، ومستخدموها سيُخلق لهم فرص وظيفية جديدة، وستزداد لديهم المعرفة ويتسع فكرهم وتنمو مهاراتهم، فنصيحتي للقادة أصحاب الهمم والطموح: تعلموا برامج الذكاء الاصطناعي ودربوا مديري مكاتبكم على ذلك، سوف تختصرون الكثير وتكونون سابقين لغيركم وتحمدون العاقبة.
التعليقات
اترك تعليقاً