Slaati
حسن البريدي

التراث ثبات

منذ 3 شهر11590

مشاركة

التراث ماضٍ يحمل الكثير من العبق والذكرى والجمال الأخّاذ الذي لا يقبل الإضافات.

هو سهلٌ لا يختلط بخدش الحاضر، ولا بتكهّنات المتكهنين، ولا بتوقّعات الباحثين.

يجب أن يبقى كما هو؛ لا تشوبه شائبة، ولا يزوره مُجدِّد، ولا يصطفّ بين جنباته زوّار الفلسفة. وإلا بقي كجميلةٍ أرادت أن تكون أجمل، فقررت أن تجعل المشرطَ أملها، ويدي الطبيب مبتغاها، لكن النتيجة كانت وبالًا، وتسربت الآمال في أن تزيد على حسنها حُسنًا وفتنة، فإذا بها تفقد جمالها السابق، ولا تستطيع العودة إلى ما كانت عليه ولو على أقل تقدير.

إن التراث ثباتٌ حتى وإن كان حُطامًا؛ هو كما هو، يزوره الزائرون، ويرقبه الشاهدون بشيءٍ من الإعجاب والتأمل، بلا زيادة ولا نقصان. وواقعنا الآن – في أغلبه – لا يعترف بما يعرفه العارفون عن أبجديات التراث وأصوله؛ فيقترفون الخطأ في حق التراث الأصيل، وينأون بعيدًا عن سلامته، باسم حضارةٍ في غير موضعها.

يقيمون الندوات والمحاضرات حول "كيفية التعامل مع التراث"، وهم في الأصل لم يستوعبوا، أو لم يتأملوا الشرط الأول والأساسي من أساسيّاته: أن يكون التراث في تعريفه نقيًّا بلا دخلاء عليه، سواء كانوا بشرًا أو حجرًا.

عزيزي الممتهن لحراسة التراث والعناية به، الأمر سهل وبسيط، لا يحتاج إلى هذا التكلف كله، فقط عليك أن تحرسه من سُرّاق الماضي، وألا تلمسه بقصد "تطبيبه" حسيًّا أو معنويًّا، وأن تؤمن إيمانًا كاملًا بأن الأصل إذا تحوّل إلى فروعٍ متشعّبة، فسيتشوّه ويفسد.

التراث له من اسمه نصيب؛ فهو إرثٌ قديم يجب أن يبقى كما هو، ولا يجوز له أن يطلّ على الحضارة ولو من باب "التجميل المصطنع". وإننا – مع هذا الطمس غير المسؤول – إن استمر، مقبلون على فقدان هويتنا وأصالتنا وماضينا النقي.

قد يظنّ بعض حرّاس التاريخ المحسوس أنّهم يُحسنون صنعًا حين يتفنّنون في زخرفة جدار الأجداد، ويبنون ما بقي من سور الطيبين، ويمضون في البحث عن آلةٍ أو أداةٍ تُحشر في صندوق التراث،
حتى لو كانت من صنع ورش المتجوّلين! وهم لا يعلمون أنّه مع تقادم السنين وغربلتها، سيظنّ الجيل القادم أن جوال "الباندا" مثلًا آخر الماضي وأوّله، أو أن "الشاورما" ذات الثلاثة ريالات كانت تبتلعها الجدّات بلعًا، وأن الغسالة الأوتوماتيكية هي تراثنا وفخرنا!

لا تُشوّهوا الفلكلور الجميل، يا راقصي العرضة على إيقاع الـ"دي جي"، بحجّة أن هذا ما يريده المشاهدون! ولا بأس أن تُتناول العصيدة بالملعقة، لكن ذلك تَجنٍّ على شعبيّتها الجارفة وأصولها الأصيلة.

ابتعدوا قليلًا، أو كثيرًا، عن موروثنا إن أردتم أن تصلوا إلى موروثهم فقط!

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

WhatsApp Image 2025-12-31 at 11.08.33 PM.jpeg
الشنيف: الهلال الفريق الذي يعرف كيف يفوز  .. فيديو
الرياض
منذ 58 دقيقة
0
1524
WhatsApp Image 2025-12-31 at 11.03.13 PM.jpeg
تمبكتي يغادر الملعب متأثرًا بإصابته أمام الخلود .. فيديو
الرياض
منذ 58 دقيقة
0
1529
WhatsApp Image 2025-12-31 at 3.28.40 PM.jpeg
خطوات بسيطة لحماية حساب أبل من التصيد الإلكتروني والاختراق
نيودلهي
منذ 58 دقيقة
0
1531
WhatsApp Image 2025-12-31 at 6.19.50 PM.jpeg
5 حقائق مهمة لبناء جسم مشدود عند النساء
الرياض
منذ 58 دقيقة
0
1527
WhatsApp Image 2025-12-31 at 12.26.48 PM.jpeg
محكمة كورية ترفض مطالبة زوج بتبرع زوجته بالكبد له
سول
منذ 58 دقيقة
0
1530
إعلان
مساحة إعلانية
التراث ثبات - صدى الالكترونية أخبار محلية سعودية وعربية ودولية إقتصادية وإجتماعية ومال واعمال ورياضة وشئون المرأة