تذكير الأنام بفضائل آل بيت النبي الكرام
حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجرد عاطفة عابرة أو أمر ثانوي ، بل من صميم الإيمان، ورباط مقدس يربط المؤمن بنبيه الكريم، ويمتد ليشمل من اختارهم الله تعالى ليكونوا قرابته وصفوته من خلقه.
وهذا الحب يتجذر في صميم العقيدة الإسلامية، ويرتقي بالروح إلى مدارج السمو والطهر.
وجعل الله تعالى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مكانة رفيعة، تكريماً لرسوله ومقامه العظيم.
قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). الأحزاب:33.
ففي هذه الآية منقبة عظيمة شرف الله بها آل البيت؛ حيث طهرهم من الرجس تطهيرا.
قال ابن عطية: "الرجس: اسم يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسات والنقائص، فأذهب الله جميع ذلك عن أهل البيت" .
وقال ابن حجر الهيتمي: "هذه الآية منبع فضائل أهل البيت النبوي لاشتمالها على غرر من مآثرهم، والاعتناء بشأنهم؛ حيث ابتدئت بـ «إنما» المفيدة لحصر إرادته تعالى في أمرهم على إذهاب الرجس الذي هو الإثم أو الشك فيما يجب الإيمان به عنهم، وتطهيرهم من سائر الأخلاق والأحوال المذمومة" .
ومن الأدلة على فضائلهم قوله سبحانه: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). الأحزاب:56.
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: (لما نزلت: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: قل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد).
وفي ذلك منقبة عظيمة؛ حيث أمر بالصلاة عليهم تبعاً له صلى الله عليه وسلم.
ووردت أحاديث كثيرة تبين فضائل ومناقب أهل البيت عموماً؛ منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم).
قال الصنعاني: فيه جواز التحدث بتشريف النسب، وهو من التحدث بنعمة الله، واصطفاء الله لهذه القبائل بأن جعل إليها أمر الناس، وجعلها أهل صفات الخير من الكرم والشجاعة والنجدة وعلو الهمة.
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بهم خيراً في مواطن عديدة، مؤكداً على حقوقهم ووجوب مودتهم ومحبتهم.
قال صلى الله عليه وسلم: “أذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي” ثلاثاً (رواه مسلم). وجعل حبهم علامة على صحة الإيمان، فقال: "ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي". (رواه مسلم).
فقرنهم صلى الله عليه وسلم بكتاب الله العظيم، دلالة على عظم مكانتهم وشدة التمسك بهم واتباع هديهم.
قال الطيبي: قوله: (أذكركم الله في أهل بيتي) أي: أحذركم الله في شأن أهل بيتي، وأقول لكم: اتقوا الله، ولا تؤذوهم، فاحفظوهم، فالتذكير بمعنى الوعظ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله الله النار).
قال المناوي: بغضهم يوجب النار، كما جاء في عدة أخبار، كيف وهم أبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، وهم فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم وبرأهم من الآفات، وافترض مودتهم في كثير من الآيات .
ومما ذكره أهل العلم في شأن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الشافعي:
يا آل بيت رسول الله حبكـــم ** فرض من الله في القرآن أنزلــه
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم ** من لم يصل عليكم لا صلاة له
قال الآجري: واجب على كل مؤمن ومؤمنة محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: بنو هاشم، علي بن أبي طالب وولده وذريته، وفاطمة وولدها وذريتها، والحسن والحسين وأولادهما وذريتهما، وجعفر الطيار وولده وذريته، وحمزة وولده، والعباس وولده وذريته رضي الله عنهم، هؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجب على المسلمين محبتهم وإكرامهم، واحتمالهم، وحسن مداراتهم، والصبر عليهم، والدعاء لهم، فمن أحسن من أولادهم وذراريهم، فقد تخلق بأخلاق سلفه الكرام الأخيار الأبرار، ومن تخلق منهم بما لا يحسن من الأخلاق، دعي له بالصلاح والصيانة والسلامة، وعاشره أهل العقل والأدب بأحسن المعاشرة.





