أسطورة "الشريك المناسب"
قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
كثيرًا ما نسمع عن نظرية الإنسان المناسب أو الشريك المثالي، وكثيرًا ما كتبت في منصة إكس عن التوافق وأهميته في نجاح العلاقات الزوجية: توافق فكري، روحي، بيئي، مادي، بل وحتى توافق حميمي.
ومن خلال ممارستي لمهنة الإرشاد والإصلاح الأسري، واستقبالي لعدد كبير من الحالات، أستطيع القول بثقة:
جميع الأزواج تقريبًا بدأوا علاقاتهم من منطلق شعورٍ بالتوافق والانجذاب.
لكن الحقيقة التي تكشفها التجربة، لا التنظير، هي أن نظرية الشخص المناسب نظرية "مضلِّلة".
ومن موقعي كمعالج أسري، أقولها بوضوح: سأكون من أوائل المختصين في الزواج الذين ينسفون هذه النظرية.
فالزواج لا يقوم على:
"التوافق البيئي، ولا التوافق المادي، ولا التوافق الفكري، ولا حتى التوافق الحميمي" كل هذه العوامل قد تُسهِّل البداية، لكنها لا تُبقي العلاقة.
ما يُقيم الزواج ويُبقيه حيًّا هو:
"المودة، الرحمة، الصدق، التقبُّل، التفاهم، التسامح، الإحتواء، الحب غير المشروط، الإخلاص، التفاني، الكلمة الطيبة، التواجد والحضور، وأن يكون الشريك عوضًا لا عبئًا".
ولهذا قال الله تعالى:
﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ ولم يقل: توافقًا، أو كمالًا، أو مثالية.
هذه الآية تنسف وهم "الحب المثالي"، وتنسف أسطورة "التوافق الكامل"، لأن تلك النظريات تنادي بالكمال.. ولا إنسان كامل في هذه الحياة.
فالزواج الناجح لا يصنعه "الشخص المناسب"!
بل يصنعه شخصان إختارا أن يكونا مناسبين لبعضهما بقاعدة الصدق، وبالفعل، بالتطبيق اليومي والمسؤولية المشتركة.





