المعلم المسؤول
المدرسة المنظمة منارة المعرفة، وأصلها وفصلها، وإجابات لما يحويه العقل الغض من أسئلة وتساؤلات. فقد كان الناس قبلها يستقون المعرفة كيفما اتفق، فإن جاءت فهذا مطلب، وإن لم تأتِ فهناك ما هو أهم، فالبحث عن لقمة العيش هو الغاية والمطلب.
ومع تطور الإنسان والأدوات، أصبحت المدرسة والعلم ركنًا من أركان الحياة،وواحة غناء فيها مالذ وطاب من أنواع العلوم .ومدارسنا اليوم فيها من الإمكانات والتطور والوفرة ما يجعل القضاء على الجهل في المتناول، ومعانقة النور ديدن العامة، إلا من أراد البقاء في الظلام وسواده.
ويبقى المعلمون هم السواد الأعظم من المبجلون في الأرض، فمن الطبيعي أن يؤجر هذا المعلم أو ذاك الأجر الأعلى عن بقية مسيّري العملية التعليمية، فعليه إذن أن يبذل الجهد كله، وأن يبلي البلاء الحسن في سبيل توصيل المعرفة التامة من غير مساعدة من أحد من أهل طلاب المعرفة وخاصتهم، إلا فيما ندر من ترتيب للأولويات أو توجيه أبوي فطري.
وعلى هذا فيجب على المربي الفاضل أن يضع الأمانة نصب عينيه وملء حياته، وأن يفصل بين ممارساته خارج المدرسة وواجباته داخلها، وألا يقنع نفسه وزملاءه أنه لا غُضاضة في أن يدع الحمل كله على الأهل في البيت، وإرسال رسائل ليلية تحث على الاهتمام في ظاهرها، أما باطنها فكلها عشم أن يشرحوا ويفهّموا ويحفّظوا بالنيابة عنه!
أيها المربي الفاضل، قد تكون نصف معذورربما في أن تكون نسبة الفاهمين من الطلاب تحت الربع، لكثرة الطلاب في الفصل الواحد وهذا غالبًا في مدارس المدن، ولكن لست معذورًا في أن يخرج الجيل المستقبلي بفتات المعرفة التي يستقيها ربما من رسائل مجتمعية “واتسية”!
عليك أن تعرف أيها المسؤول المعلم أنها ليست مجرد عثرات دنيوية عابرة، إنها أمانة، وأي أمانة! فهي تتعلق بمستقبل جيل. ولذلك، ومن مبدأ تخصصك، فليس الوالدان ملزمين مثلًا أن يعصرا ذاكرتهما ليحلا معادلة رياضية معقدة والابن فاتح فاه وكأن المسألة لم تمر عليه مسبقًا، أو أن يسهرا الليالي ليحفظ الطفل سورة من صفحتين ليسمّعها برسالة صوتية قد تصل أو لا تصل إلا صباحًا.
وهذا لا يعني أن الجميع مقصر، فهناك الكثير من معلمي الحياة يبذلون ويعطون جل وقتهم لرقي التعليم وعلوه.





