
النوارس البيضاء
عندما وجدتني ملقى على رصيف الغرام اخرجت عودها النحيل واخذت تنفخ فيه حتى صرت أتمايل نغما مثل أمواج البحار ، هي الأقلام لا تكتب إلا بشعاع مضي ياتي اليك حبوا من عيون ناعس طرفها أو ابتسامة تجلت ثناياها .
انها الانثى نموج في بحارها ونعزف على شواطي حنانها ، ليكون ناي الحب ينفخ ليراقص الهواء ويطرب المطر وينبت الشجر . انتظرت رسائلها في نغمات الواتس وفتشت في فضاء الكون عن أوراقها ووضعت إكليل الزهر في حوض الود لتتساقط حروفها ، وألصقت سمعي في جدار حبها لأسمع صرير أقلامها ، انتظرتها في مداخل أبواب النداء وبين أعمدة الشعاع وفي قطرات السحر وفي أحفورة الجفاء والصخر .
أشرعتُ في نوافذ الجمال ونثرت البذور ليزهر الورد ولوحتُ للطيور لتلتقط الحُب ، لتصفو السماء جمالا ، ويزداد تغاريد الطيور فرحا بألوان الطيف بعد الغيث . لكنها لم تأتي في موعد اللقاء ، غابت ولم يكن للوداع ورقة يخط حبرها سبب لهذا الرحيل ، ولا لغة يترجمها هذا الصمت الرهيب ، لم اجد سوى همس يوقضني من أحلام خيالها عندما اهجع كطفل بريء في هندول الذكريات ، تحسست الوسادة وشممت روائح الماضي ولم اجد سوى ريحة من بقايا نفحات عطر وردها في الواتس ، عندما كانت رسائلها تغمرني بباقات الورد وكلماتها النرجسية .
كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حدقت في النجوم لعلي ارى سهيلا الذي كان شاهدا على اللقاء في ليالي النقاء ، لم تظهر في موعدنا الذي حددنا ساعته قبل فرقتنا ، فالسماء غائمة لتحجب كل شي يذكرني بها . إن للرحيل سؤال يعصف ليثير الغبار تعجبا ونداء يؤجج الفوضى في النفوس ، إنه رحيل جبان لا تعلن ساعته ليكون الغياب مندسا في شفق الغروب ، رحلت وتركتني انتظر رسائلها في مدخل غرناطة بعد أن وقف حارس أبوابها مدججا بالسلام ليقف حائلا بيني رسائلها ، انتظرتها على شواطئ النيل بعد رست بي مراكب البحث أترقبها ، لعلها تلوح للنوارس البيضاء عندما يحن قلبها لتهديني ورقة فيها موعدا للقاء وعلبة دواء .
ابتسم أيها الأنيق هكذا نعيش في الحياة.